تلك هي الأخري



تم النشر علي موقع مصر العربية في فبراير 2017

مكالمة هاتفية بين زوجة مصرية وممثلة خدمة عملاء بطيران القطرية، نستشف في وسط المكالمة أن الزوجة تعتقد في خيانة زوجها لها مع سيدة تحمل الجنسية القطرية في مقطع صوتي ملئ بالكوميديا السوداء خاصةً مع محاولات بائسة من جانب الزوجة المصرية بتشويه صورة زوجها والسخرية من الأخري القطرية.

لا أظن أن إمرأة علي وجه البسيطة تولد وفي نيتها أن تتزوج برجل متزوج، فالإنسان بطبيعته لا يحب مشاركة ما يملكه،هي الظروف فقط، التي قد تدفع بعض النساء لقبول الزواج برجل متزوج بالفعل، إما تلبيةً لحاجتها من المال، الأطفال، الإستقرار أو الحب والعاطفة.

إذا كان الإنسان كائناً إجتماعياً بصفة عامة، فالمرأة كائن عاطفي بصفة خاصة، تولد وتشيب بوازع داخلي من عاطفة الأمومة والسعي لتكوين أسرة ومنزل تصبح هي فقط سيدته الأولي،،،
في المجتمعات المحافظة، الزواج بطيخة، ليس أكثر، قبل إتمامه يتفنن الطرفان في إبراز المميزات وتميل العيوب إلي الإختفاء، نجد أنفسنا أمام حدث تزاوج ملكين من السماء، بعد الزواج، ينجلي البصر وتصبح قادراً علي رؤية ما بداخل البطيخة، لك أن تتقبله، تتركه، تحاول معالجته أو تحتفظ به وتقتني غيره، هذا الإقتناء معروفاً بالخيانة الزوجية. ومن المفارقات إن 56% من الرجال الخائنين، سعيدين في حياتهم الزوجية ولكنهم يميلون للخيانة لعدة أسباب منها؛ كسر الروتين، الشعور بالأهمية والتقدير كشخص وليس صفة، البحث عن حب يحمل طابع العشق بدلاً من الحب (الحب الرفاقي) الذي يتكون بالمعاشرة وطول مدة الزواج.

الأخري

في المقابل، المرأة تسعي للإستقرار والإرتباط بشريك دائم، تصطدم برجال مشتتين، بعضهم مل من زواجه ويسعي لنزوة والبعض يصبو لتكوين بيت جديد يتفادي فيه أخطاءه وسقطاته السابقة.
الزواج في المجتمعات الأكثر إنفتاحاً نتيجة للحب. خطوة تأتي بعد إنتقال أحد طرفي العلاقة للإعاشة الكاملة مع الآخر، فغالباً يكون الزواج إختياري بملئ إرادة الزوجين، بينما الرباط المقدس في المجتمعات التي تميل للتمسك بعادات وتقاليد يكون سبباً في إنشاء رابطة حميمية بين الطرفين بعد الزواج أو ربما في فترة قصيرة تسبق الزواج وهي الخطوبة.
عادةً يفضل المقبلين علي الزواج من الجنس الخشن إختيار زوجة تحمل طابع وصفات والدتهن، فطالما كانت الأم هي المثل للأعلي للإبن ونموذج يحتذي به ويطبق علي طباعه مقارناته بزوجة المستقبل.
يتم الزواج وبعد فترة تصبح الزوجة (التي تشبه الأم) غير قادرة علي لعب كافة الأدوار بسلاسة ومثالية، ما قد يصيب الزوج بالملل بعد أن تنضب محاولاته في توجيه شريكة العلاقة. مع الوضع في الإعتبار بأن أي أنثي في هذه المرحلة هي بمثابة طوق نجاة للزوج الذي بشكل أو بآخر يتفنن في تجسيد نفسه كضحية زواج يراه غير ناجح.
علي الشاطئ الأخر، أنثي تري في الرجل المتزوج سمات الجدية والفحولة، ما إفتقدته في بعض العلاقات التي تمر بها معظم الفتيات. الجدية والقدرة علي تحمل المسؤلية وتحويل العلاقة العاطفية لشكل من الإرتباط الرسمي ما يأسر قلب تلك الأنثي ويجلعها أكثر انفتاحاً لفكرة الإرتباط برجل سبق له الزواج.
الأخري ليست كائن عبثي يسعي لمجرد السعي في تخريب حياة الآخرين المستقرة، الأخري تفتقد للشعور بالأمان، الإستقرار، الأمومة، الإستقلال وترغب في إشباع هذا النقص خاصةً إذا كانت إجازة الزيجة الأخري مباحة من دينياً.
الأخري لا ترغب دائماً في التطاحن مع الزوجة الأولي وإن كان بعضهن يميلن إلي تضخيم عيوب الأولي حتي تظهر بشكل مرضي يسد إحتياجات الرجل، لكن في النهاية لا أحد يرغب في النزاع، فأي خلافات قد تنشأ، تكون وليدة صدفة أو مصحوبة بغرض ما في نفس الطرف الجديد! 
الزوجة الثانية بعيدة تمام البعد عما جسدته الدراما من كليشيهات زوجة الأب أو الزوجة الثانية، فهي لا تحمل بالضرورة ضغائن للأولي ولا تطلق أشعة من عينيها تحرق أطفال زوجها من الأولي، في معظم الحالات قد تفضلهم وتعاملهم معاملة جيدة تليق بقدر الحب الذي تكنه لوالدهم.
قد تفقد الأولي الثقة بنفسها تماماً وتظن أن الأخري مخلوق خارق، علي العكس، الأخري قد لا تحمل أدني مميزات الأولي، لكن هي الثقة بالذات، ستر الله ومراية الحب أو الرغبة التي قد تعمي الزوج وتشج رأسه وتملأها بصورة الأخري فقط، تلك الصورة قد تتغير بعد الزواج من الأخري ومعاشرتها، حتي إن بعض الأزواج قد يفضلون الأولي عن ما لا يعرفون.
تلك هي الأخري، إنسانة تفتقر لمشاعر حرمت منها بمحض القدر، لم تكن لتكتم تلك الرغبة في إزاحة الستار عن كم الحاجة لشخص في حياتها حتي وإن اضطرت لمشاركته مع أخري...
... علي أن تتبع ب "الأخري هي إبنتي"


شاركه على جوجل بلس

عن Mai Hanem Hamada

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق