تم النشر علي موقع مصر العربية في سبتمبر 2016
وهل يصبح الإنسان يوماً بلا أمل!
كأي يوم، توجهت لمقر عملي،
ليس كأي يوم، كما عهدني
البعض، مبتسمة، متفائلة، أمتلك حفنة من الأمل أنثرها في وجه الجميع وأبعث فيهم
الضحكات.
كيف أصبحت اليوم بلا أمل، كأن الأمل لم يكن يوماً بذاكرتي، كأنه غرضاً
لم أتعرف عليه قبلاً، محتواه غير مدعوم..
أضغط بشدة علي أعصابي حتي تحتمل أصوات الجميع من حولي، اُحاول شد أذري
وحمل قدماي علي الوقوف، لتبوء كافة محاولاتي بالفشل، يحادثني الجميع وأشرع في
الإجابة وفي ثوان تتلاشي الكلمات من لساني.
ساد الصمت لوقت، ثم تحدثت مع أول متسائل بكلمة "مالك؟"،
وجدت صوتاً يخرج مردداً "إديني أمل في الحياة"،
علمت أن الأمل غاب وأن قوة خفية أردته قتيلاً بداخلي.
أين كان يسكن؟، قلبي! عقلي!
جوارحي! دمي!، كلهم في الغالب، ما إن انتهيت من كلماتي حتي وجدت رداً فورياً بأن
الأمل موجود، مع كل يوم يولد الأمل من جديد، حتي وإن بدا عجوزاً ساكناً لا حياة
فيه، إنه راقد، قد يشوبه التشوه، قد يولد بمتلازمة "بنجامين بوتون"،مُبتلي
بشيخوخة مبكرة، لكنه حي في النهاية.
وجدت اللعبة لطيفة، اللعبة ببساطة في السؤال عن الأمل، هل يحيا الناس
بالأمل، أم أن الأمل موجود لكن نساه الناس، أم أنهم يحيون بلا أمل وأنه شئ غير
حيوي لإتمام مهام حياتهم!
علي غرار الأفلام التسجيلية للمخرجة "ساندرا نشأت"، توجهت
أسأل كل من حولي سؤالاً واحداً، محتواه "إديني أمل في الحياة.."، البعض
يتجهم والبعض يطلب توضيحاً وآخرين يجيبون بيأس والحزب الأخير يجيب بحفاوة كطفل
تذكر لعبة مبهجة أسعدته لسنوات، جلست اُسجل في ذهني الإجابات كما هي بدون تحريف؛
رولا: (الأمل بالنسبة لي، جواز وخلفة وإستقرار وحياة سعيدة).
سحر:(أملي أن تمر الأيام، أي
حاجة تحصل في اليوم، في أمل كبير تتغير اليوم اللي بعده، احنا بقا مهمتنا نحرق
الأيام ونخليها تعدي).
شريف:(الستر، أشتغل، أكسب،
وأعيش مستور).
محمود:(أخلص ماجيستير إدارة
الأعمال، أهاجر لأمريكا، بلد المساواة، مساواة في الوصول للهدف، في أي مكان لو
اشتغلت بجد مش هتوصل، إنما هناك فيه مساواة، لو اشتغلت هتوصل، مفيش نتيجة تانية
للمعادلة).
غريب:(أمله في الهجرة أيضاً
موضحاً أن الإنسان انعكاس للبيئة من حوله، يسعي للهجرة لمجتمع ينعم بالسلام النفسي
والنظام، علي أمل أن يخرج ذلك منه روحانيات ترجعه لأصل ذاته التي خلقها الله عليه،
ذات تعبد وتعمر الكون، تؤدي رسالة وترحل في سلام). ريتا:(أملها في ابنها، لكن هم
المسؤلية التي لا تنتهي بسببه قد يزعجها، لكنه بالتأكيد من مسببات سعادتها
وإحساسها بالأمل).
عطا:(أمله أن يصبح شخص مهم، ليس بالمعني السلطوي الدارج، فحياته من
قبل كانت فارغة تافهة لا تعني له أو لمن حوله شئ، وبطريقة سينيمائية، مات صديق له
في حادث سيارة كان يجلس معه جنباً إلي جنب، بعد الحادثة، اختار أن يهتم بتربية
العصافير، يري فيها أملاً مع كل طير يولد يومياً أو مع كل صفقة بيع لطيور نادرة
يتممها بنجاح).
سحر:(أملي إن ابني ينجح ف الثانوية، لطالما اعتقدت أنها لم تتزوج أو
تنجب فملامحها الصغيرة وابتسامتها الدائمة لا توحي بذلك). محمد (عامل زراعة، رد
بمنتهي البساطة، إيه أمل ده يعني، حاولت الشرح لكن لم أجد إجابة شافية، لا يعرف أي
شئ عن الأمل). سأمت محاولات البحث عن أمل في كلمات الجميع، ردودهم لم تكن شافية
لتوسلات الأمل في عيني
الأغلب ربط الأمل بكيان وظيفي أفضل، بزواج، شئ عيني، أبناء..
كيف لعامل عادي لم يقرأ كلمة بأن يجيب ببساطة علي سؤالي، تبادر لذهني
إما أن الأمل غير موجود أو إنه موجود ولا نشعر به
إذا كان دوام الحال من المحال، فالأمل أن يدوم شعورنا بالسعادة، ولو
دام شعورنا بالسعادة سنعتقد أن السعادة هي السمة الأساسية ونرغب في مرحلة ما بعد
السعادة.
في تضاد الكلمات، اليأس عكس الأمل، لكن في الحقيقة، القلق هو مضاد
الأمل، فاليأس حالة نصل إليها بعد أن نفقد أمل حدوث الشئ، تتجدد بعدها الحياة في
أمل آخر قد تزرعه في نفسك أو يبعثه فيك أحدا.ً
أما القلق فهو الصاحب الدؤوب الذي يخرب شعورك بالأمل، أحيانًا يدفعنا
القلق للإنجاز ولكن بطريقة درامية قد يفشلنا.
حين نادي المسيح بطرس ليمشي علي الماء، فرح، شعر بالأمل في إمكانية
حدوث شئ خارق للطبيعة فقط من أجله، مشي فعلاً، ومع رياح جارفة، إرتبك، تزعزع الأمل
في داخله، وقع، وقع بعد أن مشي فعلاً، أنقذه المسيح وتسائل (لماذا شككت!).
نشكك لأننا بالأمل ندخل في حالة من الخيال، نتخيل الأحداث بتائج
إيجابية، مسرح ملئ بالمشاهدين، حالة من االتصفيق الحاد لما أنجزناه، تُرفع الستار،
نصطدم بالواقع، بدلاً من أن نتمسك بالخيال، نذهب للحقيقة في تحد مباشر، نفشل، ندخل
في حالة من السخط والشعور بالفشل. (نقطة)
تحتمل الحياة كافة المترادفات
والمتضادات، كلها مقدرات، لا يمكن تغييرها، ستنتهي الرحلة يوماً شئنا أم أبينا،
جمال الرحلة يكمن في الرحلة نفسها وليس في نتائجها.
مؤشرات الأمل بالنسبة لي ليست سوي شمس تسطع في يوم شتوي مغيم، ربيع
يحيي الورود بعد أن قتلتها البرودة، طفل يبتسم بعد ولادة حرجة وإنتظار تسعة أشهر،
فستان أنيق تم تخفيض سعره للنصف..
كلها مؤشرات، الأمل نفسه غير مفهوم، موجود لكن محتواه أحياناً يصبح
غير مدعوم..
0 التعليقات:
إرسال تعليق